وقع اللوم على البحر. وقع اللوم على الرمل. أحدهم عاتب الأمواج وآخر عاتب قارب النجاة وأي نجاة. الأكيد أن طفلا عانق الأمواج ظنا منه أنها حضن والدته، قفز كثيرا كما لم تسمح له الأيام بهذا النوع من اللهو. إنتهت اللعبة وخسر الطفل. ضحك أم بكي، لا نعلم. ما نعلمه أنه رحل.
إذا كنت تبحث عن صورة "هزّت" العالم أو "فجعت" العالم ترى صورا عديدة. لا تصدّق أنها صورة واحدة. يمكن أن تحظى على نسبة عالية لكنها ليست الوحيدة.
منذ أيام كانت صورة بائع الأقلام في بيروت الذي نال تعاطفا من دول عدة في العالم. أما اليوم، لم يجد الطفل من ينزل إلى البحر وينقذه.
كيفما تلتفت على مواقع التواصل، تجد من ينعى "الضمائر الميتة"، من يهجم العرب وحكامهم. هذا من يهاجم بالسياسة في سوريا، فيما الصحف الأوروبية تهاجم سياسة الإتحاد الأوروبي "غير الكافية" لضمان سلامة اللاجئين.
> من هو هذا الطفل؟
تحدّث العديد مع هذا المجهول. رأوا أن "الإنسانية تغرق" وليس هو. هو عيلان الكردي ابن السنوات الثلاث، عثر على جثته قبالة سواحل بودروم التركية.
بحسب ما روى الإعلامي السوري موسى العمر إن عيلان "لم يغرق لوحده بل مع أخيه غالب الكردي (5 سنوات)، وأخاه الثّالث حي".
مواقع أخرى قالت أن الوالدين ربما على قيد الحياة، ليعرف فيما بعد أن الوالد فقط بقي على قيد الحياة فيما رحلت الأم والولدين.
إيلان وأخاه ليسا الوحيدين، بل قالت وسائل إعلام أن 11 جثة عثرت على الشاطئ الذي كان ممرا للوصول إلى اليونان. الرحلة توقفت لكن ليس للإستمتاع بجمال بودروم هذه المرة.
> إنتفاضة إفتراضية وعتاب
ضجت مواقع الإنترنت بالخبر المفجع. لم تصدق أن مصير البراءة بات بيد أمواج البحر القاسية. البعض شاء أن يرثي الطفل والبعض الآخر طلب منه السماح.
فوزي المعبدي كتب على موقع "تويتر" ناطقا بلسان إيلان: "ابتعدوا ..واتركوني كما فعلتم. حين ناديتكم وأنا ظمآن ..لقد ارتويت من البحر فمن فضلكم :أريد أن أنام !".
هيا المحسن كتبت "فرشْتُ الرّملَ لي كفنٌ. وامواجٌ تُغطّيني !. رماني شعبي العربي. وعاد اليّ يَبْكِيني!".
الداعية عائض القرني رأى أن "غرق هذا الطفل السوري هارباً من الموت شهادة على موت الضمير العالمي".
أما الشاعر اللبناني يحيى جابر كتب عبر حسابه على موقع "فيسبوك" اليوم "بكاء في المطبخ البحري ..حتى السكاكين تبكي في الجوارير على أطفال مذبوحين من أصواتهم .. يامووووووووو ..ياست الحبايب ياسورية ..أولادك ينادونك ياموووووو حرقا غرقا".
وتابع "حتى السكاكين تنادي "لاذنب لنا نحن الأشياء,, إسألوا تلك الأيدي البشرية الحادة " قال البحر " لاذنب لي ..إسألوا تلك الأمواج من الأيدي البشرية المالحة ..سكوووت ..طفل إبتلع البحر لينقذ أهله الغرقى ….سورية غرقت بدمعها .سكوووت ..وإتركوا لحشائش البحر تتمايل كندابات من الصمت".
لعل الإستنكار كبير ويبقى عتاب هذا الطفل يحاكي كلمات محمود درويش "ماذا جنينا نحن يا أماه حتى نموت مرتين. فمرة نموت في الحياة. و مرة نموت عند الموت".
صورة لطفل سوري أخر لاجئ على احدى الشواطئ كان بأتجاه ما يعتقده انه الخلاص
لكن بالفعل ذهب الى الخلاص
#غرق_طفل_سوري pic.twitter.com/rxeLXCysVs
— شباب الثورة السورية (@shbabRevolution) September 2, 2015